طريق الحق وطريق ابن آدم والأنبياء
من Jawdat Said
إن طريق الحق الذي لا لبس فيه، انطلق في الطريق الذي لا لبس فيه، في طريق ابن آدم الذي لم يلوث يده.
والبناء الذي تبنيه اليد البيضاء هو البناء الصحيح، ورسول الله (ص) بنى الأمة الإسلامية وأسسها على اليد البيضاء، من غير أن يقتل شخصاً واحداً خلال أكثر من نصف حياة الرسالة، ولكن ما أكثر ما ننسى هذا الكفاح المجيد النقي الواضح المتلألئ صفاءً وضياءً!، قلباً وجوانب، لا ترى فيه خدشاً أو فطوراً، ارجع البصر كرتين وثلاثاً وأربعاً، ولن تجد غير اليد البيضاء، التي ليلها كنهارها، ليس فيها دم شخص واحد.
أين ذهبت أسوة الرسول (ص)؟ كيف تلوث الصفاء والنقاء؟ كيف ضيعنا أقدس شيء في الناموس؟ كيف صارت رؤية سبيل الرشد صعبة، فضلاً عن سلوكه؟
تذكر مرّة أخرى وصف الله تعالى للأقوام حين قال: (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) الأعراف: 7/146.
لا أدري، ولكن مهما كانت الرؤية واضحة أو ضئيلة أو مغبشة، فإن بإمكاننا أن نقول: هناك رؤية ما، ولكن الاتخاذ أصعب من الرؤية، الالتزام صعب حتى بعد الرؤية الواضحة، بل قد يراه بعض الناس غير قابل للتحقيق وبعيد المنال: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ) البقرة: 2/45، والقرآن يقص علينا قصص هؤلاء الخاشعين: (وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) هود: 11/120.
إن التواصي بالحق، الذي جاء في قوله تعالى: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) العصر: 103/3، يكون بتحقيق الرؤية، ولكن التواصي بالصبر، هو التواصي بالصبر على اتخاذ وسلوك سبيل الرشد.
إننا بعيدون عن إعادة الرشد، أو سلوك طريقه، أو اتخاذ سبيله، لقد هجرنا هذا الطريق، ويئسنا منه: (وَقَالَ الرَّسُولُ: يَا رَبِّ! إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) الفرقان: 25/30.